قصة العزير
قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر : هو عزير بن جروة ، ويقال ابن سوريق بن عديا بن أيوب بن درزنا عن عدي بن تقي بن أسبوع بن فنحاص بن العاذر بن هارون بن عمران ويقال : عزير بن سروخا جاء في بعض الآثار أن قبره بدمشق ثم ساق من طريق أبي القاسم البغوي عن داود بن عمرو ، عن حبان بن علي ، عن محمد بن كريب ، عن أبيه ، عن ابن عباس مرفوعاً : لا أدري العزير بيع أم لا ، ولا أدري أعزير كان نبياً أم لا
ثم رواه من حديث مؤمل بن الحسن ، عن محمد بن إسحاق السجزي ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة مرفوعاً نحوه
ثم روى من طريق إسحاق بن بشر ، وهو متروك عن جويبر ومقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : أن عزيراً كان ممن سباه بختنصر وهو غلام حدث ، فلما بلغ أربعين سنة أعطاه الله الحكمة قال : ولم يكن أحد أحفظ ولا أعلم بالتوراة منه قال : وكان يذكر مع الأنبياء حتى محا الله اسمه من ذلك حين سأله ربه عن القدر
وهذا ضعيف ومنقطع ومنكر والله أعلم
وقال إسحاق بن بشر ، عن سعيد ، عن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن عبد الله ابن سلام ، أن عزيراً هو العبد الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه
وقال إسحاق بن بشر : أنبأنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن كعب وسعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ومقاتل وجويبر عن الضحاك ، عن ابن عباس وعبد الله بن إسماعيل السدي عن أبيه ، عن مجاهد ، عن ابن عباس وإدريس ، عن جده وهب بن منبه ، قال إسحاق : كل هؤلاء حدثوني عن عديث عزير ، وزاد بعضهم على بعض قالوا بإسنادهم : إن عزيراً كان عبداً صالحاً خرج ذات يوم إلى ضيعة له يتعاهدها ، فلما انصرف أتى إلى خربة حين قامت الظهيرة وأصابه الحر ، ودخل الخربة وهو على حمار فنزل عن حماره ومعه سلة فيها تين وسلة فيها عنب ، فنزل في ظل الخربة وأخرج قصعة معه فاعتصر من العنب الذي كان معه في القصعة تثم أخرج خبزاً يابساً معه فألقاه في تلك القصعة في العصير ليبتل ليأكله ، ثم استلقى على قفاه وأسند رجليه إلى الحائط فنظر سقف تلك البيوت ورأى ما فيها وهي قائمة على عروشها وقد باد أهلها ورأى عظاماً بالية فقال :" أنى يحيي هذه الله بعد موتها " فلم يشك أن الله يحييها ولكن قالها تعجباً فبعث الله ملك الموت فقبض روحه ، فأماته الله مائة عام
فلما أتت عليه مائة عام ، وكانت فيما بين ذلك في بني إسرائيل أمور وأحداث قال : فبعث الله إلى عزير ملكاً فخلق قلبه ليعقل به وعينيه لينظر بهما فيعقل كيف يحيي الله الموتى ثم ركب خلفه وهو ينظر ، ثم كسى عظامه اللحم والشعر والجلد ثم نفخ فهي الروح ، كل ذلك وهو يرى ويعقل ، فاستوى جالساً فقال له الملك : كم لبثت ؟ قال : لبثت يوماً أو بعض يوم ، وذلك أنه كان لبث صدر النهار عند الظهيرة وبعث في آخر النهار والشمس لم تغب ، فقال : أو بعض يوم ولم يتم لي يوم فقال له الملك : بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك ، يعني الطعام الخبز يابس ، فذلك قوله : " لم يتسنه " يعني لم يتغير ، وكذلك التين والعنب غض لم يتغير شيء من حالهما ، فكأنه أنكر في قلبه فقال له الملك : أنكرت ما قلت لك ؟ فانظر إلى حمارك فنظر إلى حماره قد بليت عظامه وصارت نخرة فنادى الملك عظام الحمار فأجابت وأقبلت من كل ناحية حتى ركبه الملك وعزير ينظر إليه ثم ألبسها العروق والعصب ، ثم كساها اللحم ثم أنبت عليها الجلد والشعر ، ثم نفخ فيه الملك فقام الحمار رافعاً رأسه وأذنيه إلى السماء ناهقاً يظن القيامة قد قامت فذلك قوله :" وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما " يعني وانظر إلى عظام حمارك كيف يركب بعضها بعضاً في أوصالها حتى إذا صارت عظاماً مصوراً حماراً يلا لحم ، ثم انظر كيف نكسوها لحماً :" فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير " من إحياء الموتى وغيره
قال : فركب حماره حتى أتى محلته فأنكره الناس وأنكر الناس ، وأنكر منزله ، فانطلق على وهم منه حتى أتى منزله ، فإذا هو بعجوز عمياء مقعدة قد أتى عليها مائة وعشرون سنة كانت أمة لهم ، فخرج عنهم عزير وهي بنت عشرين سنة كانت عرفته وعقلته ، فلما أصابها الكبر أصابها الزمانه ، فقال لها عزير : يا هذه أهذا منزل عزير ؟ قالت : نعم هذا منزل عزير فبكت وقالت : ما رأيت أحداً من كذا وكذا سنة يذكر عزيراً وقد نسيه الناس قال : فإني أنا عزير كان الله أماتني مائة سنة ثم بعثني قالت : سبحان الله ! فإن عزيراً قد فقدناه منذ مائة سنة فلم نسمع له بذكر قال : فإني أنا عزير قالت : فإن عزيراً رجل مستجاب الدعوة يدعو للمريض ولصاحب البلاء بالعافية والشفاء ، فادع الله أن يرد علي بصري حتى أراك فإن كنت عزيراً عرفتك
قال : فدعا ربه ومسح بيده على عينيها فصحتا وأخذ بيدها وقال : قومي بإذن الله فأطلق الله رجليها فقامت صحيحة كأنما نشطت من عقال فنظرت فقالت : أشهد أنك عزير
وانطلقت إلى محلة بني إسرائيل وهم في أنديتهم ومجالسهم ، وابن لعزير شيخ ابن مائة سنة وثماني عشر سنة وبني بنيه شيوخ في المجلس ، فنادتهم فقالت : هذا عزير قد جاءكم فكذبوها فقالت أنا فلانة مولاتكم دعا لي ربه فرد علي بصري وأطلق رجلي وزعم أن الله أماته مائة سنة ثم بعثه قال : فنهض الناس فأقبلوا إليه فنظروا إليه فقال ابنه : كان لأبي شامة سوداء بين كتفيه ، فكشف عن كتفيه فإذا هو عزير ، فقالت بنو إسرائيل : فإنه لم يكن فينا أحد حفظ التوراة فيما حدثنا غير عزير ، وقد حرق بختنصر التوراة ولم يبق منها شيء إلا ما حفظت الرجال ، فاكتبها لنا وكان أبوه سروخا قد دفن التوراة أيام بختنصر في موضع لم يعرفه أحد غير عزير ، فانطلق بهم إلى ذلك الموضع فحفره فاستخرج التوراة وكان قد عفن الورق ودرس الكتاب
قال : وجلس في ظل شجرة وبنو إسرائيل حوله فجدد لهم التوراة ونزل من السماء شهابان حتى دخلا جوفه ، فتذكر التوراة فجددها لبني إسرائيل ، فمن ثم قالت اليهود : عزير ابن الله ، للذي كان من أمر الشهابين وتجديده التوراة وقيامه بأمر بني إسرائيل ، وكان جدد لهم التوراة بأرض السواد بدير حزقيل ، والقرية التي مات فيها يقال لها سايراباذ