[b][center]
•
•
•
بسم الله الرحمن الرحيم
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
•
•
•
يـارب إن عظمت ذنوبي كثرة ***** فلقد عـلمت بأن عفوك أعظم
إن كـان لا يرجوك إلا مـحسن ***** فبمن يـلوذ ويستجير المجرم
مــالي إليك وسيلــة إلا الرضا ***** وجميل عــفوك ثم أني مسلم
•
•
•
- تعريف الاستغفار:-
الاستغفار مصدر من استغفر يستغفر , و مادته " غفر " التي تدل على الستر , و الغفر و الغفران بمعنى واحد يقال غفر الله ذنبه غفراً و مغفرةً و غفراناً .
قال الراغب : الغفر إلباس ما يصونه عن الدنس و منه قيل اغفر ثوبك في الدعاء , و الغفران و المغفرة , من الله هو أن يصون العبد من أن يمسه العذاب , و الاستغفار طلب ذلك بالمقال و الفعال و قيل اغفروا هذا الأمر بمغفرته أي استروه بما يجب أن يستر به .
و الغفور و الغفار و الغافر من أسماء الله الحسنى و معناهم الساتر لذنوب عباده المتجاوز عن خطاياهم و ذنوبهم .
قال الغزالي : الغفار هو الذي أظهر الجميل و ستر القبيح , و الذنوب من جملة القبائح التي سترها بإسبال الستر عليها في الدنيا والتجاوز عن عقوبتها في الآخرة .
و قال الخطابي : الغفار هو الذي يغفر ذنوب عباده مرة كلما تكررت التوبة من الذنب تكررت المغفرة , فالغفار الساتر لذنوب عباده المسدل عليهم ثوب عطفه و رأفته فلا يكشف أمر العبد لخلقه و لا يهتك ستره بالعقوبة التي تشهره في عيونهم .
• • •
حقيقة الاستغفار و أسبابه
الإنسان ليس معصوماً من الخطأ و اقتراف الذنب بحكم طبيعته البشرية , و أيضاً فإن أعداؤه كثر : منهم النفس التي تسكن بين جنباته و تزين له و تأمره بالسوء قال تعالى ( إن النفس لأمارةٌ بالسوءِ إلا ما رحم ربي ) و منهم الشيطان العدو اللدود الذي يتربص بالإنسان ليورده موارد التهلكة , و منهم الهوى الذي يصد عن سبيل الله , و منهم الدنيا بغرورها و زخرفها , و المعصوم من عصمه الله , ناهيك عن الغفلة و الفتور عن الطاعة و التقصير في جنب الله , لذا قال النبي صلى الله عليه و سلم فيما يرويه أبو هريرة - رضي الله عنه - " و الذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله تعالى بكم و جاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم " .
و قال في موضع آخر : " كل بني آدم خطاءٌ و خير الخطائين التوابون " و لكن هناك مسألة لا بد من الانتباه إليها و هي أن كثيراً من الناس يعتقد أن الاستغفار يكون باللسان يقول أحدهم : " استغفر الله " .. ثم لا يوجد لهذه الكلمات أثر في القلب كما لا يشاهد لها تأثير على الجوارح و مثل هذا الاستغفار في الحقيقة فعل الكذابين .
قال الفضيل بن عياض - رحمه الله - " استغفار بلا إقلاع عن الذنب توبة الكذابين " و كان أحد الصالحين يقول : استغفارنا يحتاج إلى استغفار أي : أن من استغفر الله و لم يترك المعصية فاستغفاره يحتاج إلى استغفار , فلننظر في حقيقة استغفارنا لئلا نكون من الكاذبين الذين يستغفرون بألسنتهم و هم مقيمون على معاصيهم .
• • •
الاستغفار استجابة لأمر الله :
أمر الله عز و جل عباده بالاستغفار و حثهم عليه و وعد على ذلك المغفرة الثواب العظيم و العطاء الجزيل , و من أصدق من الله قيلاً ؟ و من الآيات و الآثار الدالة على ذلك أمره عز و جل نبيه صلى الله عليه و سلم و هو أشرف الخلق بالاستغفار , قال الله عز و جل : ( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ) (1) .
و قوله تعالى : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ) (2) .
و قوله عز و جل : ( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) (3) .
و قوله عز و جل : ( وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ) (4) .
و أمر الله عز و جل عباده بالاستغفار و التوبة و الإنابة فقال عز و جل : ( وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (5) .
و قال الله تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) (6) .
و أمر الله عز و جل أهل الكفر و الضلال بالاستغفار و التوبة فقال عز و جل : ( أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (7) .
و قال عز و جل مخاطباً حجاج البيت الحرام : ( أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (
.
و في الحديث عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فاستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ) (9) .
و قوله عز و جل في الحديث القدسي : " يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك و لا أبالي " (10) .
فما أعظمك و ما أحلمك و ما أكرمك يا رب العالمين .
•••
فوائد الاستغفار وثمراته:
1 – الاستغفار سبب لبياض القلب وصفائه ونقائه:
وسبب لقوة القلب وانشراحه وحفظ نوره، فالذنوب تترك أثراً سيئاً وسواداً على القلب، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، وإن زاد زادت حتى يعلو قلبه، فذاك الران الذي ذكر الله تعالى في القرآن بقوله سبحانه: ( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [المطففين: 14]، قال ابن القيم رحمه الله: (من أعظم أسباب ضيق الصدر: الإعراض عن الله والغفلة عن ذكره) ولا يزال الاستغفار الصادق بالقلب حتى يرده بالصحة والسلامة.
منقول